الجمعة، 29 مارس 2019

الكون من منظور صوفي


الكون من منظور صوفي



رياض عامر القيسيان هذا الوجود العجيب بسمواته وأرضه وانسه وجنه , بجماده ونباته ورماله ومياهه, بحروفه وكلماته نراه عند الصوفية صورة جميلة متماسكة نابضة بالحركة مؤلفة متآلفة فيما بينها.
والكون كله بما حوى في نظرهم عابد مسبح كل ما فيه قد الهم صلاته وتسبيحه , كون يسير على انغام موسيقى ربانية او كما يقول ابن عربي : (بالإيقاع الإلهي والقول الرباني), الكون كله سماع لمن القى السمع , ورفع عنه الغطاء (تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن . وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم )
وإذا كانت أمواج الموسيقى السابحات في الجو من محطتنا الأرضية . تمر بالإذن ولا تسمعها إلا بالجهاز المعد لها . فكذلك تلك التسبيحات المنغمة بالإيقاع الإلهي بحاجة الى محطات وأجهزة في قلوبنا . أجهزة لا تفتح الا بالذكر والتقوى والحب والتسامح وكم لتلك الخصائص من أسرار وأسرار .
كل شيء يقع تحت أبصارنا ، له حياته وله عباداته وله عجائبه وفنونه . تحركه يد الخالق المدبرة الحاكمة ، التي أحسنت وأبدعت خلق كل شيء ، وأودعته ما شاءت وأرادت ، وكشفت مما أودعت لمن شاءت وأحبت .
إن الحياة في نظر المتصوفة هي ليست للإنسان والحيوان والنبات فحسب . بل الحياة لكل شيء . تلك الجبال والأحجار التي تراها جامدة منها ما يتفجر منه الماء ومنها ما يهبط من خشية الله والخلق كل الخلق يسبح بحمده ويذكر آياته ، يقول ابن عربي : ( إن آلة النجار ربما تعلم أكثر مما يعلم الصانع بها ، فإنها حية عالمة بخالقها ، مسبحة بحمد ربها عالمة بما خلقت له . فكل شيء في الطبيعة قد أوحي إليه بما يراد منه ) . حتى الحروف التي نكتبها فهي مقدسة عند الصوفية ويؤمنون بان لها أسرارها ودنياها . فيعتبرونها امة قائمة بذاتها لها صلاتها بالسماء والنجوم . ولها مساس بالإنسان ، وعلاقة برسالات الرسل والأنبياء .
والكلمات أيضا لها قدسيتها ، أليس عيسى كلمة الله ؟ والكلمة الطيبة أليست كالشجرة المباركة التي أصلحها ثابت وفرعها في السماء ؟
انه لعالم جميل أبدعته القوة الإلهية نرى جماله لو مزقنا أقنعة الشهوات والظلم والتطرف وتسلحنا بالحب والأيمان بالله وأنبيائه وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحركة فـي الذكر (التمايل)

  الحركة فـي الذكر (التمايل) أحمد عبد المالك الحركة في الذكر أمر تناوله علماء الإسلام ما بين الإباحة والتحريم والتقييد بشروط وما زال لل...