الاثنين، 3 يناير 2022

الحركة فـي الذكر (التمايل)

 


الحركة فـي الذكر (التمايل)

أحمد عبد المالك
الحركة في الذكر أمر تناوله علماء الإسلام ما بين الإباحة والتحريم والتقييد بشروط وما زال للعلماء تضاد في فتواهم للآن ولكن الحركة في الذكر لها أدلة وشواهد كثيرة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء الأجلاء.
كذا رأي أصحاب المذاهب في ذلك وبعد عرض هذه الأدلة في هذا الباب يظهر لك واضحاً جلياً أيها القارئ الكريم أنه لا كراهة البتة في التمايل في ذكر الله تعالى بل وقد يظهر أيضاً أن التمايل أثناء ذكر الله تعالى أمر مستحب كما أنه أمر لا إرادي.
الجبل يهتز فرحاً برسول الله صلى الله عليه وسلم: وورد في صحيح البخاري أن النبي صعد أحدا يوماً ومعه أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فاهتز الجبل فرحاً وتحرك طرباً وزهواً بمن عليه فضرب رسول الله برجله وقال: اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن أحد جبل يحبنا ونحبه ) البخاري ومسلم فالجبل وهو حجر أصم فرح فاهتز بوقوف رسول الله وصحابته الكرام رضوان الله عليهم فكيف الحال مع المؤمن الصادق الذي أحب ذكر ربه ووله به واستولى الحب الإلهي على قلبه ألا يهتز فرحاً بذكر الله تعالى!! فالروح تهتز طرباً بسماعها القرآن، وهناك حركة لا إرادية يصاب بها قارئ القرآن وإلا لما اهتزازه وهو يقرأ كتاب الله أو ما الداعي لهذا الاهتزاز. ذلك أن الروح الطاهرة التي خلقها الله ووضعها في الإنسان تفرح بكلام الله وبأسماء الله فتهتز وما لمنا يوماً على قارئ القرآن لاهتزازه.. وقراءة القرآن ذكر فما بالنا نلوم على الذاكر في اهتزازه اللاإرادي. قال تعالىثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون (1).
قال الإمام القرطبي في تفسير الآية: قوله تعالى: وإن منها لما يهبط من خشية الله يقول إن من الحجارة ما هو أنفع من قلوبكم، لخروج الماء منها وترديها. قال مجاهد: ما تردى حجر من رأس جبل، ولا تفجر نهر. من حجر، ولا خرج منه ماء إلا من خشية الله، نزل بذلك القرآن الكريم. ومثله عن ابن جريج. وقال بعض المتكلمين في قوله: وإن منها لما يهبط من خشية الله: البرد الهابط من السحاب. وقيل: لفظة الهبوط مجاز، وذلك أن الحجارة لما كانت القلوب تعتبر بخلقها، وتخشع بالنظر إليها، أضيف تواضع الناظر إليها، كما قالت العرب: ناقة تاجرة، أي تبعث من يراها على شرائها. وحكى الطبري عن فرقة أن الخشية للحجارة مستعارة، كما استعيرت الإرادة للجدار في قوله: يريد أن ينقض، وكما قال زيد الخيل:
لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع
وذكر ابن بحر أن الضمير في قوله تعالى: وإن منها راجع إلى القلوب لا إلى الحجارة أي من القلوب لما يخضع من خشيه الله. قلت: كل ما قيل يحتمله اللفظ، والأول صحيح، فإنه لا يمتنع أن يعطى بعض الجمادات المعرفة فيعقل، كالذي روي عن الجذع الذي كان يستند إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب، فلما تحول عنه حن، وثبت عنه أنه قال: (إن حجرا كان يسلم عليَّ في الجـاهلية إني لأعرفه الآن).
وكما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال لي ثبير اهبط فإني أخاف أن يقتلوك على ظهري فيعذبني الله). فناداه حراء: إليَّ يا رسول الله. وفي التنزيل: إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال (2). وقال: لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله (3) يعني تذللا وخضوعا، وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة سبحان إن شاء الله تعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
1-
البقرة : 74 .
2-
الأحزاب : 72 .
3-
الحشر: 21 .
المصدر: موقع رايات العز
http://www.rayat-alizz.com/issue28/page2.htm#1


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحركة فـي الذكر (التمايل)

  الحركة فـي الذكر (التمايل) أحمد عبد المالك الحركة في الذكر أمر تناوله علماء الإسلام ما بين الإباحة والتحريم والتقييد بشروط وما زال لل...