السبت، 6 أبريل 2019

الكتابة الصوفية بين لغة الآفاق ولغة الأعماق


الكتابة الصوفية بين لغة الآفاق ولغة الأعماق




 د.عبد الحميد هيمه


عرفت الصوفية قديمًا بأنها حركة دينية وحسب مما أدى إلى توجيه نظر الدارسين إليها على أنها تمثل وثيقة تختصر جملة الآراء، والمعتقدات الصوفية، وهذا يوضح لنا "بؤس القراءة النقدية للصوفية، وبؤس فهمها ويوضح بعامة بؤس المستوى النظري المعرفي عند دارسي الثقافة العربية".(1)

والحق أن التجربة الصوفية ليست مجرد تجربة في النظر، وليست مذهبًا دينيًا فحسب، وإنما هي أيضا تجربة في الكتابة "لقد استخدم الصوفيون في كلامهم على الله والوجود والإنسان، الفن، الشكل، الأسلوب، الرمز، المجاز، الصورة، الوزن، القافية، والقارئ يتذوق تجاربهم ويستشف أبعادها عبر فنيتها، وهي مستعصية على القارئ الذي يدخل إليها معتمدًا على ظاهرها اللفظي .. فالإشارة لا العبارة هي المدخل الرئيس"(2) للتجربة الصوفية، وهي بذلك حركة إبداعية، وسعت مجال اللغة الشعرية، وبعثت فيها روحًا ونفسًا جديدين.

لذلك فإن "أهمية الصوفية اليوم لا تكمن بالنسبة إليَّ في مدونتها الاعتقادية، بقدر ما تكمن في الأسلوب الذي سلكته، أو في الطريقة التي نهجتها لكي تصل إلى هذه المدونة، إنها تكمن في الحقل المعرفي الذي أسست له، وفي الأصول التي تولدت عنه"(3) وفي مقدمة كل ذلك نجد طريقة التعبير أو اللغة الشعرية، يقول أدونيس في تعريفه للغة الشعرية: "إذا كان الشعر تجاوزًا للظواهر ومواجهة للحقيقة الباطنة في شيء ما أو في العالم كله، فإن على اللغة أن تحيد عن معناها العادي، ذلك أن المعنى الذي تتخذه عادة لا يقود إلى رؤًى أليفة مشتركة، إن لغة الشعر هي لغة الإشارة في حين أن اللغة العادية هي لغة الإيضاح، فالشعر هو بمعنى ما جعل اللغة تقول ما لم تتعلم أن تقوله"(4).

من هنا واستنادًا إلى أن اللغة هي مختبر الشعر، فقد أسست الصوفية لطريقة خاصة في الكتابة تقوم على التعبير غير المباشر الذي يشير إلى أبعاد خفية يعانيها الصوفي، وهو مأخوذ بالأحوال الروحية التي يعانيها، وهي أحوال يعجز التعبير المباشر عن إدراكها، وهذا ما دفع المتصوفة إلى ابتكار طريقة جديدة في الكتابة،ولغة خاصة قوامها الرمز، والإشارة "وهي لغة تختلف عن اللغة الدينية الشرعية من حيث أن هذه اللغة هي في جوهرها، لغة فهم، بينما الأولى هي في جوهرها لغة حب، الأولى تحب الأشياء دون أن تفهمها بالضرورة بينما علاقة الثانية مع الأشياء، والكون إنما هي علاقة فهم، وإدراك وتقويم لا علاقة حب، والحب هو كذلك لا يقال بل يُعاش، تقال صور منه، لكنه في ذاته كمثل المطلق عصيٌّ على القول، ذلك أنه خارج طورِ أو حدود العقل والمنطق، أي خارج حدود الكلام".(5)

لكل هذا فإن قيمة التصوف وأهميته لا تكمن في رأيي في جوانبه الدينية، والاعتقادية فقط، وإنما تكمن كذلك في الطريقة التي سلكها للتعبير، وهي طريقة تقوم على الإشارة والرمز "وهذا يعني أن اللغة الصوفية هي تحديدًا لغة شعرية، وأن شعرية هذه اللغة تتمثل في أن كل شيء فيها يبدو رمزًا، كل شيء فيها هو ذاته وشيء آخر"(6)، وهذا يناقض مرة أخرى اللغة الدينية حيث يكون الشيء هو ذاته لا يتعداه إلى شيء آخر، ويبرز هذا التناقض على الخصوص في أن اللغة الدينية "تقول الأشياء كما هي، بشكل كامل ونهائي، بينما اللغة الصوفية لا تقول إلا صورًا منها، ذلك أنها تجليات المطلق، تجليات لما لا يقال ولما لا يوصف، ولما تتعذر الإحاطة به، فما لا ينتهي لا يعبر عنه إلا ما لا ينتهي"(7) ولذلك ظلت اللغة الصوفية مجازًا يعتمد على الرمز، والإشارة التي هي المدخل الأساسي للصوفية.

 إن العالم فنيًا بما يحويه من مظاهر طبيعية مختلفة ومتنوعة إشارة دالة .. والكلمة –وهي جزء من هذا العالم- إشارة "حبلى بطاقات البداية -الخلق-، وهي تضعنا دائمًا في أفق ما لا ينتهي وهذا نفسه ما تفترضه حين تتحول إلى خط، ذلك أن الحرف إذ يتحول إلى خط، يدخل في لا نهاية المكان، ينحني، يتماوج، يتشابك، يتقابل، يتدور ينبسط، يلبس الحركة في جميع أبعادها، ويختزن جميع الإشارات"(8)، فللحروف أسرار وهي تحمل الكثير من الطموحات الفنية والتفسيرات الدينية التي أفاض ابن عربي في شرحها في كتابه الفتوحات المكية(9).

ومن هنا فإن القارئ لهذه الكتابة لا يعنى بما يراه من مظاهرها الخارجية إلا بقدر ما يتخذها عتبات لما لا يرى.

والحروف عند أئمة التصوف، وعلى رأسهم ابن عربي "تجمع بين الوجود الظاهر، مجسدًا في الحرف مرسومًا ومخطوطًا، والوجود الباطن أي روح الحرف، فهو عندهم كائن جسده شكله، وروحه معرفة لا يظفر بها إلا العارفون وأهل الذوق"(10)، وهذا معناه أن الحرف شكل مادي لا يصبح حيًا إلا بمحموله الروحي أو أنه "حقيقة منظورة تخفي حقيقة مستترة"(11).

وابن عربي هنا يتعامل مع اللغة وحروفها "كما يتعامل مع كل الموجودات، وينظر إليها –كما ينظر للوجود بأسره- من خلال ثنائية "الباطن والظاهر" فيرى أن لحروف اللغة جانبًا باطنًا هي الحروف الإلهية التي تتوازى مع مراتب الوجود من جهة وتتوازى مع الأسماء الإلهية من جهة أخرى، ويرى أيضًا أن لحروف اللغة جانبًا ظاهرًا هي الحروف الإنسانية الصوتية التي يتلفظها الإنسان في كلامه"(12)، هناك إذن لكل حرف جانبان؛ الجانب الباطني، وهو أرواح الأسماء الإلهية، وجانب ظاهري، وهو الصوت في حال النطق أو الخط في حال الكتابة.

فالكلمة عند الصوفية أنثى حبلى بطاقة الخلق، وهي تضعنا دائمًا في أفق لا ينتهي من الدلالات، ولذلك يصطدم القارئ للشعر الصوفي بما يحيط به من غموض، وتعتيم يجعله عصيًا على الفهم، يقول أدونيس: "لئن كان الوضوح طبيعيًا في الشعر الوصفي أو القصصي أو العاطفي الخالص؛ لأنه يهدف إلى التعبير عن فكرة محددة أو وضع محدد، فإن هذا الهدف لا مكان له في الشعر الحق، فالشاعر لا ينطلق من فكرة واضحة محددة بل من حالة لا يعرفها هو نفسه معرفة دقيقة"(13) ولذلك يأتي تعبيره عنها غامضًا، كما أن وظيفة اللغة الشعرية "تكمن أساسًا في السحر والإشارة فهي لا تعبر، ولا تصف، أي لا تبوح ولا تصرح، وهذا مصدر غموضها"(14). نضيف إلى هذا عجز اللغة عن الإحاطة بمكنون التجربة الصوفية الروحية لأنه كلما "اتسعت الرؤية ضاقت العبارة"(15) كما يقول النفري.

من هنا كانعلى الصوفية أن تبدع لغة للتعبير عما تعجز اللغة العادية عن التعبير عنه "وهي لغة الرمز والإشارة، فما لا يمكن أن يوصف أو يعبر عنه بالكلام يمكن الإشارة إليه رمزًا، والتعبير بالرمز هو وحده الذي يمكن أن يقابل الحالة الصوفية التي لا تحدها الكلمة"(16).

لقد نزع المتصوفة نزعة ذاتية عميقة، فحاولوا أن يتوصلوا إلى المعرفة عن طريق الذوق والكشف الباطني أو التحديق في الأعماق، لأن العلم ليس الطريق الوحيدة الموصلة إلى الحقيقة، فالحب والشعر والإيمان والحلم .. هي أيضا أشكال للمعرفة، ثم عبروا عن هذه المعرفة بلغة خاصة لا تعرف دلالتها إلا بالرجوع إلى المعجم الصوفي. ويفسر القشيري دواعي لجوء المتصوفة إلى لغة الرمز والإشارة بدل لغة التصريح، والعبارة بقوله: "إن لكل طائفة من العلماء ألفاظًا يستعملونها، وقد انفردوا بها عمّن سواهم، كما تواطؤوا عليها لأغراض لهم فيها، من تقريب الفهم على المتخاطبين بها، أو للوقوف على معانيها بإطلاقها وهم يستعملون ألفاظا فيما بينهم، قصدوا بها الكشف عن معانيهم لأنفسهم، والستر على من باينهم في طريقتهم، لتكون معاني ألفاظهم مستبهمة على الأجانب، غيرة منهم على أسرارهم أن تشيع في غير أهلها، إذ ليست حقائقهم مجموعة بنوع من التكلف، أو مجلوبة بضرب من التصرف، بل هي معان أودعها الله تعالى في قلوب قوم واستخلص لحقائقها أسرار قوم"(17).

ويتناول نيكلسون دوافع الرمز مبينًا قيمته بقوله: "ولقد قيل إن الصوفية قد جعلوا من ذلك الأسلوب الرمزي قناعًا يسترون به الأمور التي رغبوا أن يكتموها، وهذه الرغبة طبيعية عند قوم يدعون أنهم خصوا دون غيرهم بمعرفة الباطن، وفوق ذلك فإن التصريح البين بما يعتقدون، لعله أن يهدد حريتهم بل حياتهم، فإن تركنا جانبًا كل هذه الدوافع، فالصوفية قد اصطنعوا الأسلوب الرمزي، لأنهم لم يجدوا طريقًا آخر ممكنًا يترجمون به عن رياضتهم الصوفية والعلم بخفايا عالم الغيب المجهول الذي ينكشف في رؤيا جذبية .. ليس في الطوق تبيانه دون اللجوء إلى صور مشاهدات منتزعة من عالم الحس، وهذه الصور والأمثال –مع أنها ليست خالصة الصدق- تكشف عن معان وتوحي بصور أعمق مما يبدو على ظاهرها"(18).

ومنه فالصوفية ليست سلوكًا معرفيًا فحسب، ولكنها سلوك مدفوع بهاجس إبداعي وجمالي، فقد حـاول الصوفية أن يتوصلوا إلى المعرفة عن طـريق الذوق، والكشف الباطني –كما رأينا سالفًا- ثم عبروا عن هذه المعرفة بلغة خاصة، والمتتبع للكتابة الصوفية يجد أنها "ليست أداة لتشخيص وضعيات خارجية، وإنما هي تجربة في حد ذاتها، داخل السلوك الصوفي تذوب الهوة التي تفصل بين التجربـة المعيشة، وبين الكتابـة، بين السلوك وبين الإبداع"(19).

لقد حاولت الكتابة الصوفية أن تخلق تباعدًا بين اللغة الاجتماعية المألوفة واللغة الإبداعية، وأن تؤسس للغة جديدة تنقل مفهوم الكتابة من حدود الإطار الاجتماعي لتعانق الطبيعة بل الوجود بأكمله، لقد كان هاجس هذه الكتابة المركزي هو تجاوز أطر الكتابة السائدة، وجعل هذه الكتابة مجالاً للقاء بين الألوهية والطبيعة ... وبين الجمال والجلال.

والمتتبع للشعر الصوفي يجد أن الشعراء عمدوا "في التعبير عن حبهم الإلهي إلى ألفاظ الحب الإنساني وما يتصل به من وصل وهجر ولوعة ونحول، كما عمدوا إلى الخمر، وما يتصل بها من حان، وألحان وكأس وندمان، وغير ذلك من الأشياء التي توجد في الشعر الغزلي، والخمري والذي يعبر عن عاطفة إنسانية نحو معشوقة آدمية، وعن حالة نفسية هي السكر الناشئ من تناول الخمر المستخرجة من الكرم"(20)، ولكن الشاعر الصوفي يستخدم هذه الألفاظ رموزًا للتعبير عن الأحوال التي يعيشها والتجارب التي يعانيها كما هو الشأن عند ابن عربي مثلاً في ديوانه "ترجمان الأشواق" الذي ألفه في فتاة أحبها في مكة تسمى (نظام) ولكنه في باطنه في حب الله والفناء فيه(21)، كما يقول، وقد وضع هو نفسه شرحًا لهذا الديوان تفاديًا للبس الذي قد يقع فيه قارؤه، وأشار فيه إلى المعاني المقصودة، وعليه فبإمكاننا أن نسمي هذا الشعر الذي يصدر عن الصوفي بـ"شعر الرؤيا" ذلك أنه يصدر عن تأمل واستبطان للوجود، وهو وإن كان معدنه ترابيا، فقد سرت في لفظه لغة السماء، كما أن هذا الشعر لا يقوم بتكرار الواقع، وإنما هو يبتكر ويجدد ويصنع أشياء جديدة لم تكن معروفة من قبل ويكتشف عوالم لم تطأها الأقدام بعد، و"ليست رؤية الأشياء أمرًا سهلاً كما قد يًظن، ذلك أنها مغمورة بقراءات أو بـ"صور" سابقة، مليئة بالمسبق الجاهز وبالعادات المتراكمة، ولا بد من جهد كبير للتخلص من هذا المسبق، لكي تمكن رؤية الشيء كما لو أن ذلك يتم للمرة الأولى، يجب أن نقرأها (نراها) كأننا لا نزال أطفالاً دون رواسب ولا مسبقات لكي نستطيع أن نكتبها أو نصورها في حالتها الصافية الأصيلة"(22) وقد أعطيت اللغة الفنية/الرمزية للشعراء "لا لكي يكرروا العالم، ويسجنوه في صوره الظاهرة المعروفة، وإنما لكي يحرروه، ولكي يبقوه في حركيته الداخلية في ما لا ينتهي، ولكي يظهروه باستمرار في صور جديدة"(23)، ولذلك فأنا أرى أن التجربة الإبداعية الصوفية مغامرة على مستوى الوجدان والإلهام، إنها تجربة تدعو إلى الانبثاق الدائم من الداخل وفي الداخل، رؤيا جديدة للكون وحلم دائم للوجود، ولذلك فهي تستلزم كتابة تقوم على إيمائية اللغة وشاعرية الفكر، كتابة خاصة "مطرزة بالرموز ومشجرة ومنقشة بألطف الإشارات التي تحمل أقصى الدلالات للمعاني البعيدة في عالم الرؤيا، إنها كتابة انتظار ولقاء ووصول، إنها ذوبان الجزء بالكل، والفناء الكلي في المثل والقيم العليا"(24).

وعلى العموم فإنها كتابة تستنطق الأعماق، وتسعى إلى سبر أغوار الذات بغية كشف أسرار هذا الوجود بكل ما يكتنفه من غموض ولأن الكون غامض ولا يمكن أن نعبر عنه بالكلام لجأ الصوفية إلى لغة الإشارة والرمز، فالتعبير "بالرمز هو وحده الذي يمكن أن يقابل الحالة الصوفية، التي لا تحدُّها الكلمة والذي يمكن بالتالي أن يخلق المعادل التخييلي لهذه الحالة".(25)

 البعد الجمالي للكتابة الصوفية

أسست الصوفية لطريقة خاصة في الكتابة قوامها الرمز والإشارة ورمزية هذه الكتابة تكمن في أن كل لفظة تكتسب محمولات جديدة بمجرد توظيفها في التجربة الصوفية، وهي بذلك تخلق عالمها الخاص، يرى إحسان عباس أن "هذا الميدان خير ميدان تتفتح فيه ذاتية الشاعر وفرديته"(26) لأن الشاعر هنا يتعامل مع اللغة بكثير من الحرية معتمدًا طريقة التحويل داخل اللغة أي إفراغ اللغة من دلالتها المعجمية وشحنها بدلالات جديدة.

"بهذه الكتابة أخذ [الشاعر] يتوجه نحو الغيب ويحاوره لكن عبر التجربة، لم يعد يتحدث مع المطلق عبر النص بل عبر الجسد، صار الحديث حوارًا مباشرًا بين الأنا والأنت، الإنسان والله"(27)، ولذلك تبدو هذه الكتابة في الغالب محفوفة بالغرابة والغموض مما يجعلها تبدو عصية على الفهم خاصة لدى أولئك الذين ألفوا برودة الوضوح.

الصوفية محاولة للتأليف بين عالم الحس وعالم الغيب، واللغة في هذه التجربة كذلك سعي للتأليف بين العالم المادي (عالم الموجودات) المحدود والعالم الروحي اللانهائي، ولعل هذا ما جعل السلوك الصوفي ليس "مجرد سلوك معرفي، بل رحلة ممتدة أو حضورًا متجددًا داخل الشبكة الرمزية للوجود، ولم تكن تجربة الكتابة الصوفية سوى نمط من أنماط هذا الحضور الدائم إضافة إلى العشق الصوفي والاغتراب، نمط يضع الذات أمام توتر الكينونة واختلاف تجلياتها"(28).

ولكن تجربة الكتابة الصوفية بالإضافة إلى أنها تساؤل حول لغة الكتابة، فإنها كذلك نقد لسلطة العقل، ولعل هذا ما يفسر نزوع هذه الكتابة نحو "اللاعقل"، "لقد كان هاجسها الأساسي هو تجاوز أطر الكتابة السائدة داخل الثقافة الإسلامية، وهذا يعني انتزاع تجربة الكتابة من المكان الاجتماعي –مجال السلطة والصراع المذهبي- إلى المكان الطبيعي، هذه الوثبة نحو الطبيعي تفسر جانبًا سريًا في الكتابة الصوفية: إنه نزوعها لكي تتحول إلى رغبة أي أن تصبح فعلاً من أفعال الجسد الصوفي الأخرى التي هي الحب والاغتراب داخل الفضاء الطبيعي".(29)

وهذا ما حول الكتابة الصوفية إلى حركة في جميع الاتجاهات، "فهي فعل للاغتراب داخل الطبيعة والاندماج مع كائناتها، وهي أيضا فعل للحب والعشق واندفاع نحو سر الجمال الطبيعي والمطلق، وهي أخيرًا فعل لتدمير الذات لأجل الاتصال بالأصول الحيوية للإنسان، وبكلمة واحدة، إنها رغبة ذات اتجاهين: رغبة في الموت (موت الذات)، وفي الحلم والحياة (الحلم بالاتصال بالأصول البدائية)، هذا التوجه المزدوج هو الذي سيجعل منها تجربة عنف وقلق وتوتر"(30) وهذا العنف والتوتر فتح الكتابة الصوفية على مزيد من الإبداع والافتتان بالجمال، وهذه الجمالية ترتكز على أمور عدة منها:

1-   أن محاولة الكشف عن الغيب لا توصل إلا إلى مزيد من الحاجة إليها، فما يعرفه الإنسان ليس إلا عتبة لما يظل غير معروف، ويدعوه إلى معرفته.

2-   أن تجربة الكشف تفترض للتعبير عنها كلامًا يفلت في آن من أغلال العقلانية والمنطق، ومن أغلال المشترك الشائع.(31)

وقد كان لذلك نتائج هامة تمثلت في إثراء الشعر العربي بهذه الرمزية الصوفية التي تمثل بحق فتحًا جديدًا في عالم التعبير اللغوي، فقد رفعت اللغة من مستوى التعبير المباشر إلى مستوى التعبير الخيالي الذي يعتمد على الرمز، والإشارة، والذي يقرأ لابن عربي و ابن الفارض والحلاج وغيرهم يجد تجارب فريدة تؤكد على ضرورة اتصال النص بصاحبه، وارتباط الشاعر بالشروح التأويلية وهذا يضع النص الشعري في سياق دوافعه الصوفية المجازية العميقة. "ونضيف إلى ذلك أن جمالية التصوف تقوم على التناقض وهو يعني أن الشيء لا يفصح عن ذاته إلا في نقيضه، الموت في الحياة، والحياة في الموت، النهار في الليل، والليل في النهار ... هذه الوحدة بين العالم المرئي والعالم غير المرئي، هي وحدة النقيضين، وهي واحد من الأسس الجمالية في الكتابة الصوفية"(32) والتي هي كتابة وإن كانت في ظاهرها تدل على معاني مادية فإنها ترمز إلى معاني وجدانية عميقة نصل إليها عن طريق القراءة التأويلية التي يمجدها الصوفية كونها الوسيلة الوحيدة التي تجعل من القراءة تجربة حية ومتوترة مثل تجربة الكتابة.

وقد أتاح ذلك للصوفية "أن تعيد ترتيب العلاقة بين الذات والله بإلغاء الانفصال بينهما ... وبذلك أصبح الصوفي يحمل الله في ذاته، وأصبح تجليًا له دون أن تتحول العلاقة بين الاثنين إلى علاقة تماه مطلق"(33) وهذا ما سماه أدونيس بـ"الهوية المتغايرة"(34)وهي قمة ما يبلغه الصوفي في شطحاته فالصوفي هو الله وهو غيره في الوقت ذاته. وهذا المقام عرّض الصوفية للتكفير والقتل، يقول ابن عربي:

وَغصْ في بحر الذَاتِ تبصرْ         عجائبَماتبدّتْ للعيانِ

وأَسرارًا تراءتْمبهمات            مسترةََ بأرْواحِ المعانـي

فمنْفهم الإشارةَ فليصنها             وإلاّسوفيقتلُبالسنانِ

كحلاج المحبةِإِذْتبدَتْ             لهُشمسُالحقيقةِبالتداني

فقال أناهُوالحقُالذيلاَ             يغيِّرذاته مَرُّالزمـانَ(35)

إن أبيات ابن عربي السابقة واضحة في دلالاتها، وفي دعوتها إلى اعتماد المعرفة الذاتية الذوقية، فالصوفية ترى أن "انفتاح الذات على موضوعها الذي هو الحقيقة أو الله، لا يتم اعتمادًا على العقل أو النقل، وإنما اعتمادًا على الحب، مما بوأ القلب مكانة خاصة في المعرفة الصوفية"(36)، وبهذا أحدثت المعرفة الصوفية تغييرًا في نظرية المعرفة، والتي كان قوامها العقل فأصبحت تقوم على القلب، حيث يعانق القلب العالم فيصبحان شيئًا واحدًا. وهذا الإبدال في طريق المعرفة لدى الصوفية أسهم "في تجسير الهوة بين الفكر والشعر، بالإلحاح على ضرورة التفكير بالشعر، معتبرًا أن العناصر الشعرية من خيال ورمز وحدس وغيرها هي أدوات لإنتاج معرفة لا تضاهي العقل والحس فحسب، وإنما تفوقهما"(37)، ولعل هذا ما حدا بابن عربي إلى أن يولي الخيال أهمية خاصة، ويبوءه مكانة رفيعة، جاعلاً منه السبيل الأوحد للمعرفة(38)، والذي يقرأ كتب ابن عربي يجد أنه لا يصدر فيها عن تفكير عقلي، وإنما هو الكشف والشهود.

ابن عربي وميلاد لغـة الآفاق

يكشف ابن عربي في مقدمة كتابه "فصوص الحكم" أن مصدر الكتابة لديه هو الكشف، والإلهام، مما يعني أنه لا يصدر في كتابته تلك عن ذات؛ لأن الكتابة الذاتية تدنيس لأنها إنصات للنفس، و»إِنَّ النفسَ لأمارَةٌ بالسُوءِ «(39) كما يقول الله تعالى، وهذا "ما يفرض على الصوفي تغييبه لذاته (المدنس)، والإنصات إلى الصوت الإلهي (المقدس)، أي أن يبقى وفيًا لما يلقى إليه"(40) يقول في ذلك: "فحققت الأمنية، وأخلصت النية، وجردت القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حدّه لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من غير زيادة ولا نقصان".(41) فكل ما يقوله ابن عربي في هذا الكتاب هو فتح يفتح الله به على الخاصة من عباده.

وعلى هذا فإننا نستطيع تأويل مصدر الكتابة لدى ابن عربي من زاويتين:

1- إن إرجاع ابن عربي الكتابة إلى مصدر إلهي ينسجم مع نصوصه بوصفها كتابة فوق النص الأول، فأغلب ما كتبه ابن عربي هو تأويل للعالم، والإنسان، والذات الإلهية اعتمادًا على القرآن، والحديث النبوي، وهو ما يجعله منصتًا أكثر منه كاتبًا.(42)

2- إن المقامات، والأحوال التي يجتازها ابن عربي، والصوفية عمومًا في الطريق نحو الله تنتهي بفناء الصوفي عن ذاته، والبقاء بالله، وفي مقام الفناء يتخلى الصوفي عن القول ويتحول مستمعًا.(43)

وهو ما حدث لابن عربي في معراجه المتخيل إذ قال بعد بلوغه سدرة المنتهى: "سمعت كلامًا مني لا داخلاً في ولا خارجًا عني"(44)، وهذا يجعلنا نقول إن ابن عربي في كتاباته لم يلهم المضمون فقط بل إنه ألهم الكلمة -اللغة- أيضا، وهذا ما ذهبت إليه سعاد الحكيم حيث تقول: "فابن عربي كما أتصوره، عاش مشاهدته، عاشها حدثًا وقولاً، ونتج عن هذه المشاهدة المفردات الاصطلاحية التي استخدمها"(45).

ابن عربي إذن رجل مشاهدة "ولا يهمنا هنا أن ندرس هذا الشهود من الوجهة الكلامية، ونقارنه بأعلام علماء الكلام السابقين، ولا يتسع المجال لذلك، ولكن يهمنا هنا دراسة العلاقة بين هذا الشهود، وبين اللغة الجديدة"(46)، وفي هذا الإطار نرى أن التسمية هي أساس وجود المصطلح الصوفي عند ابن عربي، ونعني بذلك سعيه إلى تسمية الأشياء المشاهدة بأسماء، فهو لا يكتفي بالإخبار عن مشاهداته، بل يجعل لكل حالة اسمًا، "التسمية هي أهم جزء في التعبير عن المشهد، لأن التسمية رسمٌ كالختم والطبع .. والتسمية توجِدُ اسمًا يبقى في الذاكرة علامة على المسمَّى بعد انقضاءِ المشاهدة"(47)، فلولا التسمية ما بقي من المعرفة شيء سواء كانت هذه المعرفة بالعقل والتفكير، أو الكشف والشهود.

بواسطة اللغة نقل لنا ابن عربي ما رآه من مشاهدات من عالم الغيب الخيالي إلى عالم الحضور المعرفي، وما تتميز به هذه اللغة هو اعتمادها على الإضافة التي غدت أساس الصيغة اللغوية الجديدة، فإن كانت اللغة الصوفية السابقة لابن عربي تقوم على استعارة المعجم الغزلي والخمري القديم للدلالة على الحب الإلهي، أي أن الصوفي يقوم بعملية تحويل للدلالة السابقة للألفاظ، وذلك بشحنها بدلالات جديدة ترتبط بالتجربة الصوفية، أي أنه لم يبتكر ألفاظًا جديدة، وإنما قام بتحويل دلالة ألفاظ قديمة من خلال شحنها بدلالات جديدة، فإن ابن عربي قام بإبداع لغة جديدة وبهذا "حقق نقلة على المستوى اللغوي تمامًا كما حقق نقلة على مستوى الشهود والنظر الصوفي .. فكما حوَّل نظر الصوفي من التحديق في الأعماق إلى مراقبة الآفاق، فكذلك حوَّل اللغة الصوفية من الاصطلاحات المبنية على اللفظ الواحد المفرد إلى مصطلح أخذ  شكل العبارة"(48)، وتحصر سعاد الحكيم هذه العبارة في ثلاثة أشكال هي:

1-   الإضافة: تتكون من اسم يضاف إلى اسم مثل: نهر القرآن، بحر الأرواح ونحو ذلك.

2-   النسبة: تتكون من لفظين ينسب أحدهما للآخر مثل: تجل ذاتي وليّ عيسوي.

3-   الوصف: عبارة تكونت من لفظين أحدهما يصف الآخر مثل: الأرض الواسعة.(49)

هكذا تكونت لغة ابن عربي الجديدة تارة بالإضافة، وتارة بالنسبة وأخرى بالوصف فلو أخذنا مثلاً كلمة "نبي" وكلمة "ولي" نجد هاتين الكلمتين من الكلمات القديمة، وليس بينهما علاقة، ولكن ابن عربي يجعل بينهما مناسبة فيوحد بينهما، وهذا يعطينا عبارة: "نبي ولي" والتي تعني: "العلم اليقيني"، وهو معنى جديد ناتج عن التشكيل اللغوي السابق القائم على الإضافة.

أما النسبة فابن عربي يضيف الأسماء التي هي أسماء لحقائق مفردة إلى بعضها البعض مكونًا منها أسماء جديدة لمسميات جديدة. "فالاسم عند ابن عربي له دلالتان: دلالة على الذات، ودلالة على أمر زائد على الذات، وهو ما تعطيه خصوصيةُ ذلك الاسم، فالأسماء الإلهية جميعها تشترك، وتتوحد في دلالتها على الذات الإلهية الواحدة، ولكن في الوقت نفسه هذه الأسماء أعطت بحقائقها أمرًا زائدًا على معقولية الذات، كل اسم بحسبه"(50) مثال ذلك أسماء العبد فـ"عبد الواحد" يختلف في معناه عن "العبد" المضاف، والمنسوب إلى الجبَّار أو الغفار أو الرحيم ... فكل "عبد" يأخذ من هذه الإضافة صفة عبوديته ومعناها، بمعنى أن الإنسان الذي يسمى بعبد الجبار له نصيب من تجليه تعالى باسم "الجبار"، كذلك عبد اللطيف له نصيب من تجليه تعالى باسم اللطيف ..

"وهكذا لا أحدية لموجود عند ابن عربي، لذلك جاءت تسمياته، ومصطلحاته على صيغة الإضافة يضيف اسما إلى اسم، وينسب اسمًا إلى اسم، ويصف اسمًا بصفة، ولا يكاد يشذ مصطلح جديد استخدمه ابن عربي، زيادة على المصطلحات القديمة التي ورثها، عن قاعدة الإضافة"(51).

لقد أبدع ابن عربي إذن صيغة الإضافة، وهي صيغة هامة فتحت آفاق اشتقاق جديدة ولا محدودة أمام الصوفي ليعبر عن مشاهداته، وتجاربه، وتبرز أهمية الإضافة في ما يأتي:

1- أن الإضافة تبرز جانب العلائق والنسب، وتؤكد على مبدأ التفاعل وتبادل الصفات لأن الإضافة ليست مجرد اجتماع حقيقتين بل هي تركيب حقيقتين تتحدان وتتآلفان، وهكذا فالإنسان الذي تحل فيه حقيقة العلم يختلف عن الإنسان الذي تحل فيه حقيقة القدرة.

2- أن الإضافة هي تجسيد لمعنى يعبر عنه ابن عربي بهذه الإضافة ولذلك فعلى الذي يريد أن يدخل عالم ابن عربي اللغوي أن يبحث عن وجه العلاقة بين اللفظين المتضايفين، فهناك يكمن معنى تستره العبارة، ولكن توضحه الإشارة.

3- أن صيغة الإضافة تفتح آفاقًا لغوية واسعة، فالمشاهد سواء كان ابن عربي أم غيره، كلما وجد معنًى في ذات يستطيع أن يبدع عبارة اصطلاحية جديدة لم يقلها قبله أحد، ويسمي بها الذات، وهذه العبارة تجد معناها في دراسة النسبة بين المتضايفين(52) وبذلك تتحقق للغة الصوفية قدرتها على التحول الدلالي الذي "لا يحدث في العلامة اللغوية في حالة إفرادها ولكنه يتحقق من خلال التركيب الذي يكسب العلامة دلالة لا تكون لها في حالة إفرادها، وهذا التحول الدلالي أيضا هو الذي ينقل النص اللغوي من وظيفة "الانباء" الاجتماعية ويجعله يحقق وظائف أخرى "أدبية" "(53).

وبذلك تتعد العبارات، ويرتقي المدلول اللغوي من مستوى التحديد إلى آفاق الإطلاق واللاتحديد، ونصل إلى نسيج لغوي جديد حاكته التجربة الصوفية التي بدلاً من أن تغوص في الأعماق أصبحت ترتاد الآفاق، وهذا يكشف لنا الاتصال القوي للتعبير اللغوي "بمصادره المتمثل في التجربة الصوفية بمختلف حقائقها الشعورية على عكس اللغة الوظيفية التي ينحسر استعمالها في البحث عن الألفاظ والجمل التي تنقل المعاني بحياد كبير"(54)، والفرق كبير بين لغة محدودة في حروفها وكلماتها، ولغة مطلقة حيث يمكن أن نكتب ما لا يحصى من العبارات والتراكيب، ومع لغة كهذه "لم يعد الصوفي يقف أمام شهوده عاجزًا عن التعبير كما كان موقف من تقدم من الصوفية"(55) فقد أتاحت طريقه ابن عربي حرية أكبر عند الصوفية في جمع المفردات، ونحت التراكيب الجديدة القائمة على الإضافة، وإذا كانت الألفاظ محدودة، فإن العبارات التي قد نُشكلها بهذه الألفاظ غير محدودة، ضف إلى أن قصد المتكلم قد يخرج بدلالة العبارة الواحدة من معنى إلى آخر، وهذا ما يعطي للقارئ إمكانية التأويل للغة الصوفية، "وإذا كانت أغلب الفرق الفكرية الإسلامية تحاول أن تربط التأويل ولغة الكتابة بأطر عقلية، ومنهجية محضة فإن الصوفي سيحاول أن يخرج بالتأويل عن حدود تلك الأطر التجريدية لكي يربطه بتجربته المعيشة، ستكف الكتابة عن أن تكون تأويلاً للنص المقدس فقط، لكي تصبح فعلاً للغوص داخل لغة العالم –التي يطلق عليها ابن عربي مفهوم الكتابة الوجودية- داخل التجربة الصوفية ينتقل مفهوم الكتابة من حدود الاجتماعي ليعانق الطبيعة بل الوجود بأكمله، هذه الوثبة من الاجتماعي إلى الطبيعي هي التي ستجعل التجربة الصوفية نزوعًا نحو تحقيق اللقاء المباشر مع كينونة العالم، مع عمق تلك الكينونة اللانهائي الذي يطابق الصوفية بينه وبين الأنوثة المطلقة"(56).

الكتابة الصوفية إذن تجاوز لصناعة اللغة، وتجاوز للقواعد المتعارف عليها، وتجاوز لقوانين الربط بين الأشياء، ولعل هذا ما جعل منها توليفًا صداميًا للمحسوس، والمعقول في الثقافة العربية.

الإحــالات

() أدونيس، الصوفية والسوريالية، ص15.

(2) المرجع نفسه، ص23.

(3) المرجع نفسه، ص25.

(4) أدونيس، مقدمة للشعر العربي، دارالعودة، ط3، 1979، ص125، 126.

(5) أدونيس، الصوفية والسوريالية، ص24.

(6) المرجع نفسه، ص23.

(7) المرجع نفسه، ص24.

(8) المرجع نفسه، ص202.

(9) ينظر، ابن عربي، الفتوحات المكية، السفر الأول، ص295 وما بعدها.

(10) محمد بنعمارة، الأثر الصوفي في الشعر العربي المعاصر، ص51.

(11) المرجع نفسه، ص52.

(12) نصر حامد أبو زيد، إشكاليات القراءة وآليات التأويل، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط2، 1992، ص82.

(13) أدونيس، مقدمة للشعر العربي، ص125.

(14) محمد بنيس، الشعر العربي الحديث بنياته وإبدالاتها، دار توبقال الدار البيضاء، المغرب، ج3، ط1، 1990، ص95.

(15) أدونيس، الصوفية والسوريالية، ص115.

(16) أدونيس، الثابت والمتحول، تأصيل الأصول، دار العودة، بيروت 1977، ص95.

(17) القشيري، الرسالة القشيرية، ص53.

(18) نيكلسون، الصوفية في الإسلام، ص105.

(19) منصف عبد الحق، الكتابة والتجربة الصوفيـة (نموذج محي الدين بن عربي)، الرباط 1988، ص06.

(20) درويش الجندي، الرمز والرمزية في الأدب العربي، دار نهضة مصر للطباعة والنشر، القاهرة (د.ت)، ص342. 

(21) ينظر ابن عربي، ترجمان الأشواق، ص09.

(22) أدونيس، الصوفية والسوريالية، ص205.

(23) المرجع نفسه ، ص201، 202.

(24) عبد الحميد جيده، صناعة الكتابة عند العرب ، دار العلوم، بيروت 1998، ص175.

(25) المرجع نفسه، ص194.

(26) عبد القادر فيدوح، الرؤيا والتأويل، دار الوصال، الجزائر 1994، ص51.

(27) أدونيس، الصوفية والسوريالية، ص115، 116.

(28) منصف عبد الحق، الكتابة والتجربة الصوفية، ص08.

(29) المرجع نفسه، ص09.

(30) المرجع نفسه، ص10.

(31) أدونيس، الصوفية والسوريالية، ص140، 141.

(32) المرجع نفسه، ص140، 141.

(33) خالد بلقاسم، أدونيس والخطاب الصوفي، دارتوبقال للنشر، المغرب، 2000، ص71، 72.

(34) أدونيس، الثابت والمتحول، الأصول، دار العودة، بيروت ج1، ط3، 1970، ص97.

(35) ينظر ابن عربي، الإسراء إلى المقام الأسرى، أو كتاب المعراج، تح. سعاد الحكيم،  دار دندرة للطباعة والنشر، بيروت 1988، ص59.

(36) خالد بلقاسم، أدونيس والخطاب الصوفي، ص73.

(37) المرجع نفسه، ص73.

(38) ينظر، سليمان العطار، الخيال عند ابن عربي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة (دت)، ص195.

(39)  يوسف، 53.

(40) خالد بلقاسم، أدونيس والخطاب الصوفي، ص144.

(41) ابن عربي، فصوص الحكم، ص47.

(42) خالد بلقاسم، أدونيس والخطاب الصوفي، ص115.

(43) المرجع نفسه، ص115.

(44) ابن عربي، الإسراء إلى المقام الأسرى، تح. سعاد الحكيم، ص133.

(45) سعاد الحكيم، ابن عربي ومولد لغة جديدة،  ص73.

(46) المرجع نفسه، ص69.

(47) المرجع نفسه، ص71.

(48) المرجع نفسه، ص79.

(49) المرجع نفسه، ص79.

(50) المرجع نفسه، ص82- 83.

(51) المرجع نفسه، ص83.

(52) المرجع نفسه، ص84 وما بعدها.

(53) نصر حامد أبو زيد، إشكالية القراءة وآليات التأويل، ص87.

(54) محمد بنعمارة، الأثر الصوفي في الشعر العربي المعاصر، ص43.

(55) سعاد الحكيم، ابن عربي ومولد لغة جديدة، ص89.

(56) منصف عبد الحق، الكتابة والتجربة الصوفية، ص07.1) أدونيس، الصوفية والسوريالية، ص15.

(2) المرجع نفسه، ص23.

(3) المرجع نفسه، ص25.

(4) أدونيس، مقدمة للشعر العربي، دارالعودة، ط3، 1979، ص125، 126.

(5) أدونيس، الصوفية والسوريالية، ص24.

(6) المرجع نفسه، ص23.

(7) المرجع نفسه، ص24.

(8) المرجع نفسه، ص202.

(9) ينظر، ابن عربي، الفتوحات المكية، السفر الأول، ص295 وما بعدها.

(10) محمد بنعمارة، الأثر الصوفي في الشعر العربي المعاصر، ص51.

(11) المرجع نفسه، ص52.

(12) نصر حامد أبو زيد، إشكاليات القراءة وآليات التأويل، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط2، 1992، ص82.

(13) أدونيس، مقدمة للشعر العربي، ص125.

(14) محمد بنيس، الشعر العربي الحديث بنياته وإبدالاتها، دار توبقال الدار البيضاء، المغرب، ج3، ط1، 1990، ص95.

(15) أدونيس، الصوفية والسوريالية، ص115.

(16) أدونيس، الثابت والمتحول، تأصيل الأصول، دار العودة، بيروت 1977، ص95.

(17) القشيري، الرسالة القشيرية، ص53.

(18) نيكلسون، الصوفية في الإسلام، ص105.

(19) منصف عبد الحق، الكتابة والتجربة الصوفيـة (نموذج محي الدين بن عربي)، الرباط 1988، ص06.

(20) درويش الجندي، الرمز والرمزية في الأدب العربي، دار نهضة مصر للطباعة والنشر، القاهرة (د.ت)، ص342. 

(21) ينظر ابن عربي، ترجمان الأشواق، ص09.

(22) أدونيس، الصوفية والسوريالية، ص205.

(23) المرجع نفسه ، ص201، 202.

(24) عبد الحميد جيده، صناعة الكتابة عند العرب ، دار العلوم، بيروت 1998، ص175.

(25) المرجع نفسه، ص194.

(26) عبد القادر فيدوح، الرؤيا والتأويل، دار الوصال، الجزائر 1994، ص51.

(27) أدونيس، الصوفية والسوريالية، ص115، 116.

(28) منصف عبد الحق، الكتابة والتجربة الصوفية، ص08.

(29) المرجع نفسه، ص09.

(30) المرجع نفسه، ص10.

(31) أدونيس، الصوفية والسوريالية، ص140، 141.

(32) المرجع نفسه، ص140، 141.

(33) خالد بلقاسم، أدونيس والخطاب الصوفي، دارتوبقال للنشر، المغرب، 2000، ص71، 72.

(34) أدونيس، الثابت والمتحول، الأصول، دار العودة، بيروت ج1، ط3، 1970، ص97.

(35) ينظر ابن عربي، الإسراء إلى المقام الأسرى، أو كتاب المعراج، تح. سعاد الحكيم،  دار دندرة للطباعة والنشر، بيروت 1988، ص59.

(36) خالد بلقاسم، أدونيس والخطاب الصوفي، ص73.

(37) المرجع نفسه، ص73.

(38) ينظر، سليمان العطار، الخيال عند ابن عربي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة (دت)، ص195.

(39)  يوسف، 53.

(40) خالد بلقاسم، أدونيس والخطاب الصوفي، ص144.

(41) ابن عربي، فصوص الحكم، ص47.                                                                     

(42) خالد بلقاسم، أدونيس والخطاب الصوفي، ص115.

(43) المرجع نفسه، ص115.

(44) ابن عربي، الإسراء إلى المقام الأسرى، تح. سعاد الحكيم، ص133.

(45) سعاد الحكيم، ابن عربي ومولد لغة جديدة،  ص73.

(46) المرجع نفسه، ص69.

(47) المرجع نفسه، ص71.

(48) المرجع نفسه، ص79.

(49) المرجع نفسه، ص79.

(50) المرجع نفسه، ص82- 83.

(51) المرجع نفسه، ص83.

(52) المرجع نفسه، ص84 وما بعدها.

(53) نصر حامد أبو زيد، إشكالية القراءة وآليات التأويل، ص87.

(54) محمد بنعمارة، الأثر الصوفي في الشعر العربي المعاصر، ص43.

(55) سعاد الحكيم، ابن عربي ومولد لغة جديدة، ص89.

(56) منصف عبد الحق، الكتابة والتجربة الصوفية، ص07.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحركة فـي الذكر (التمايل)

  الحركة فـي الذكر (التمايل) أحمد عبد المالك الحركة في الذكر أمر تناوله علماء الإسلام ما بين الإباحة والتحريم والتقييد بشروط وما زال لل...