الاتصال فى الاصطلاح الصوفى
مصطلح
الاتصال فى عرف الصوفية أو الواصل ، موضوع على معنى تجيزه الأصول القرآنية
والنبوية ، وإن لم يرد اللفظ فى القرآن
والسنة على المعنى
الصوفى ، فالواصل عندهم ، هو من كان على صلة بربه ، فلا يرى بسره معنى التعظيم
غيره ، ولا يسمع الأمر إلا منه (4) ، وهذا معنى شرعى محمود ، ثابت
بمجمل الأصول الداعية إلى صلة العبد بربه .
وروى عن يحى بن معاذ الرازى (ت:258هـ) أنه قال
عن الواصل : ( من لم يعم عينه عن النظر إلى ما تحت العرش ، لم يصل إلى ما فوق
العرش ).
يعنى لم يلحق ما فاته من مراقبة الذى خلق
العرش ، وكلامه يدل على الدعوة إلى التعلق بالله ، وترك ما سواه ومثله وعن أبى
يزيد البسطامى (ت:261هـ) قال : ( الواصلون فى ثلاثة أحرف ، همهم فى اللَّه وشغلهم
فى اللَّه ، ورجوعهم إلى اللَّه )، وينسب إلى أبى بكر الشبلى
(ت:334هـ) أنه قال فى إظهار معنى التواضع لمن جاهد فى الوصول إلى الإيمان بربه ،
من خلال المراقبة والصدق مع الله : ( من زعم أنه
واصل ، فليس له حاصل ، وسبب الحرمان من الوصول والاتصال، انعدام المراقبة )، وروى أيضا
عن عبد الله بن خفيف الشيرازى (ت:371هـ) أنه قال : ( الواصل، من اتصل بمحبوبه دون
كل شئ سواه وغاب عن كل شئ سواه ) ، ويذكر الكلاباذى (ت:380هـ) فى
معنى الاتصال عند الصوفية ، أن ينفصل العبد بسره عما سوى اللَّه.
ويرون
كما سبق أن الاتصال يوجب الافتقار فيه ، فلا يظن العبد أنه قد وصل وإلا فليتقين
أنه انفصل.
والاتصال بالمعنى الصوفي ، وإن كان قائما فى بدايته على أصول القرآن والسنة
التى دعت إلى دوام مراقبة اللَّه عز وجل ، ومتانة الصلة بين العبد وربه ، وأداء العبودية لله على وجه الكمال ، إلا
أنه أخذ بمعنى آخر ، فعند الحلاج ، الاتصال يؤدى إلى مفارقة الشريعه ، واعتقادها
هوسا كما قال : ( اعلم أن العبد قائم على بساط الشريعة ما لم يصل إلى التوحيد ،
فإذا وصل إليه سقطت من عينه وصارت عنده هوسا ) ، والاتصال عند ابن
عربى وتلاميذ مدرسته أخذ على معنى ملاحظة العبد عينه ، متصلا بالوجود الأحدى ،
بقطع النظر عن تقيد
وجوده بعينه وإسقاط إضافته إليه ، فيرى اتصال مدد الوجود ونفس الرحمن إليه على
الدوام بلا انقطاع، حتى يبقى موجودا به، ويرى عبد الكريم الجيلى
أن الاتصال فى دوام الوصلة بلا انقطاع ، ولا فتور حيث تتواتر تجليات الحق تعالى
على العبد فى هذا المشهد ، من غير رجوع إلى النفس فالوصال هو لحوق العبد بالله
تعالى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق