أحدية الجمع
حضرة أحدية الجمع، ومرتبة أحدية
الجمع. والمراد بذلك: أول تعينات الذات، وأول رتبها، الذي لا اعتبار فيه لغير
الذات فقط، كما هو المشار إليه بقوله (ص): «كان الله ولا شيء معه»[(7)]، وذلك لأن
الأمر هناك، أعني في مرتبة أحدية الجمع وحداني، إذ ليس ثمَّ سوى ذات واحدة مندرج
فيها نسب واحديتها، التي هي عين الذات الواحدة. فهذه النسب وإن ظهرت بصور الأوصاف
في المرتبة الثانية التي هي حضرة تفصيل المعلومات، وتميزها، إنما يجمعها وصفان
هما: الوحدة والكثرة، ولكونهما صورتي نسبتين من نسب الذات الجامعة المجتمعة غير
المفرقة، والمتفرقة لم تكن التفرقة الحاصلة بهذين الوصفين تفرقة حقيقية في نفس
الأمر، فتصير تلك التفرقة مشتتة لشمل جمعية الذات، لأنهما نسب الذات في أول رتبها
المحكوم فيه بنفي الغير والغيرية هناك، فهي أعنى تلك النسب والإضافات أوصاف محكوم
بالتفرقة بينها وبين الموصوف بها في الرتبة الثانية.
فهي من حيث باطنها الذي هو شؤون الذات هي
عين الذات، لا غيرها. إذ لا غيرية، ولا مغايرة هناك، لأنها ليست هي. ثَمَّ أوصافاً
للذات بل هي عين الذات، فهذا هو مقام أحدية الجمع، الذي لا تصح فيه رؤية تفرقة بين
الذات من حيث تعينها، وبينها من حيث إطلاقها، أو قل بينها من حيث حقيقة الحقائق،
وبينها من حيث التجلي الأول لعلو هذا المقام الذي هو مقام أحدية الجمع.
وفرقيته على جميع مراتب التفرقة فرقية بها
يصير الوصف والموصوف، أو قل الذات وشؤونها عين ذات واحدة بلا مغايرة ولا غيرية،
ولهذا كان من ترقى سره عن التأثر بمراتب التفرقة والتقييد بثمراتها، والانحجاب
برؤيتها إلى حضرة أحدية الجمع عند تمام حياته الحقيقية وعن جميع أحكام الكثرة
والغيرية لم يبق من حقيقته شيء سوى هذه الحقيقة الأحدية.
وهو القائل:
«تحققت أنَّا في الحقيقة واحد»[(8)] الخ
وقوله:
«أنا من أهوى ومن أهوى أنا»[(9)]
وقوله:
«تحققت أني عين من أنا عبده»
وأمثال ذلك مما قد عرفت ما هو المراد به.
...المصدر : كتاب لطائف الإعلام بإشارات أهل الإلهام للإمام الكاشاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق