التصوف وموسيقى الروح
موسيقى المتصوفة رزينة و مهيبة . وهي تتوجه لمستمعين قادرين على استيعابها و الإمساك بها بالحواس و نقلها إلى الروح .
لأصوات الموسيقى الصوفية قدرة على اختراق الروح. وبفضل ثرائها يمكن عيش لحظاتها والإستماع إليها بألف طريقة ممكنة .إنها دعوة إلى سفر داخلي و إنصات و نكهة الكائن .
كتب جان دورين الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي? في مقدمة كتابه " السماع الروحي في التقليد الصوفي " : " السماع في التقليد الصوفي هو الاستماع إلى الموسيقى بهدف بلوغ حالة النشوة الروحية أو كما يعبر عن ذلك المتصوفة تغدية الروح . يتعلق الأمر إذن بتقليد احتفالي للإستماع الروحي للموسيقى و الإنشاد في طقوس معينة إلى حد ما "
لب الموسيقى الصوفية روحاني . إنها موسيقى تأمل . و تعبردرجاتها على حالة خاصة للكائن . برهة حياة . و كل درجة تعبير طبيعي و تعبير باطني في نفس الأوان .
الموسيقى الروحية أكثر من هذا وذاك فالنوعية? الصوتية للآلات و دفىء الأصوات ترتبط أساسا بنوعية المستمع وبإنصاته ولا يمكن لتفاعل كهذا أن يدرك من طرف عقل غير مجرب .
ويذكر? كوتزي ايركونر من أعظم المؤلفين الموسيقيين الصوفيين المعاصرين "وهو منبع يستقي منه الصوفي إلهامه . وهو بذلك كالأرض : لايدري الموسيقي ما سيخرج منها ومتى سيكون ذلك ولكن لايمكنه أن يترك اللحظة تمر لذا يجب أن يكون حاضرا وقت بزوغ البدرة .
"و يفسر الفنانون الصوفيون أنه? لايمكن لإنسان أن يدري ماسيولد من? البذرة المدفونة في أعماقه . صوت الناي وحده يمكنه أن يبوح له بذلك . صوت الأوقات الضائعة التي كان يلتحم فيها بالنبات و الحجر و المياه و النجوم . وتتبدد ذكرى هذا الإلتحام عند الميلاد . ولكنه حينما يسمع من خلال الصمت تصاعد أولى أنغام الناي يخامره الحنين و يتذكر ذلك الجزء المفقود"
وكتب مولانا جلال الدين الرومي :" وسمعنا كلنا موسيقى الجنة هاته و إن انبعث الشك من ماء وصلصال أجسامنا فإن شيئا? من هذه الموسيقى تخامر ذاكرتنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق