الجمعة، 29 مارس 2019

مكانة التصوف وموقعه من الدين

مكانة التصوف وموقعه من الدين



بقلم د. : جودة محمد أبو اليزيد المهدي
عميد كلية القرآن الكريم بطنطا

الحمد لله الذى رضى لنا الإسلام ديناً، والقرآن دستوراً وجعلنا من أمة خير رسله سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
وبعد : فإن الحق تبارك وتعالى قد أوضح لنا منهاج الوصول إلى حضرته والفوز بمعيته وولايته فى كتابه العظيم وفى سنة رسوله الكريم عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم ، وأمرنا بطلب الهداية والعون منه على سلوك صراطه المستقيم،وذلك تأسيساً على القيام بإفراده بالعبادة حيث قال فى فاتحة كتابه المجيد( إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم).(1) .
وقد اصطلح السادة الصوفية العارفون على تسمية جملة "العبادة"و"الإستعانة" و"الهداية لسلوك الصراط المستقيم"بـ"التصوف" لإشتمالها على الشريعة والطريقة والحقيقة، وهذه التسمية لها نظائرها فى القرآن والسنة، فمنها:"التزكية" المذكورة فى قوله تعالى :( قد أفلح من زكاها) (2)، و(الربانية) المذكورة فى قوله تعالى:( ولكن كونوا ربانيين..) (3) و(التقوى) المأمور بها فى قوله تعالى:( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته...)(4)،و(الإستقامة) المأمور بها في قوله تعالى:( فاستقيموا إليه واستغفروا) (5)، و(الولاية) المذكورة فى قوله تعالى(إن أولياؤه إلا المتقون) (6).
وكذلك التصوف هو بعينه مقام (الإحسان) الذى هو الركن الثالث من أركان هذا الدين الحنيف، والمصرح به فى حديث (أم السنة) المتفق عليه، والذي نورده ههنا لنتعرف مكانة وموقع التصوف من هذا الدين جملة ومن الإسلام بمفهومة الشامل، وكذا بمفهومة الخاص فقد روى الشيخان، والثلاثة من أصحاب السنن بإسنادهم عن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال:..
بينما نحن جلوس عند النبى صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبى صلى الله عليه وسلم:فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال:يا محمد: أخبرنى عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:الإسلام أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا.
قال: صدقت.
قال : فعجبنا له يسأله ويصدقه.
قال: فأخبرنى عن الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره.قال صدقت.
قال: فأخبرنى عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تراه فإنه يراك قال: صدقت
قال: فأخبرنى عن الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل.
قال: فأخبرنى عن أماراتها
قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاة يتطاولون فى البنيان.
قال: ثم انطلق فلبثت مليا، ثم قال لى: يا عمر أتدرى من السائل؟
قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: إنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم).
واقول: إنه يستفاد من هذا الحديث الشريف الجامع- الذى قال عنه الإمام النووى فى شحه" هو أصل الإسلام"جملة أمور: منها:
أولاً: أن هذا الدين الإسلامي الحنيف يشتمل على ثلاثة أركان ومقامات، فلا يكمل الدين إلا باستجماعها جميعا، وإذا اختل أحدها يكون الدين ناقصا غير تام ولا مكتمل ألا وهى: الإسلام،والإيمان، والإحسان.
وثانيا: أن الإسلام أصله الانقياد والاستسلام الظاهرى، ولايقبل شرعا إلا بالإيمان الذى هو التصديق القلبى الباطنى. إذ لو خلا منه لكان نفاقاً. والإيمان من أعمال القلوب التى نسميها (التصوف).
وثالثاً: أنه لا تتم صحة الإسلام والإيمان وجنى ثمرتهما واكتمالهما على الحقيقة إلا بمقام الإحسان الذى هو" أن تعبد الله كأنك تراه". فإنه يشتمل على روح الإسلام والإيمان من الإخلاص والإخبات.
وفى تقرير مقام (الإحسان) يقول شيخ الإسلام والأزهر الإمام عبد الله الشرقاوى رضى الله عنه فى شرح هذا الحديث:" والإحسان فى الأصل: إتقان العمل.أو: إيصال النفع للغير؛ يقال: أحسنت كذا إذا أتقنته، وأحسنت إلى فلان: إذا أوصلت النفع إليه، وهو فى الحديث بالمعنى الأول؛ فإنه يرجع إلى إتقان العبادة، أى الإخلاص ومراعاة الخشوع والخضوع حال التلبس بها، ومراقبة المعبود حال أدائها.
ثم تارة يغلب عليه مشاهدة الحق بقلبه حتى كأنه يراه بعينه، فيفعل العبادة حالة استغراقه فى بحار المكاشفة والشهود، وإلى ذلك أشار بقوله" كأنك تراه" وبقوله فى الحديث الآخر "وجعلت قرة عينى فى الصلاة" أى حصول الاستلذاذ بالطاعة؛ بسبب انسداد مسالك الالتفات إلى الغير؛ باستيلاء أنوار الكشف عليه، وامتلاء قلبه وسره من تجلى محبوبه.
وتارة يستحضر أن الحق مطلع عليه، يرى كل ما يعمل ولا يحصل عنده ذلك الشهود – وإلى ذلك أشار بقوله" فإنه يراك".
وهاتان الحالتان(أى:المشاهدة والمراقبة اللتان هما من مقامات التصوف) يثمرهما معرفة الله تعالى، ولا يكونان إلا للخواص. هذا هو المتبادر من سياق الحديث).
ومن هذا التقرير نلاحظ: أن حقائق التصوف( المراقبة والمكاشفة والمشاهدة) متمثلة فى (الإحسان).

تأصيل التصوف من حديث جبريل
إننا نجد كبار أئمة التصوف – ومن أبرزهم العارف أبو نصر السراج الطوسى(ت سنة378هـ) يعمدون إلى تأصيل التصوف الإسلامي من الوحيين النييرين) – الكتاب والسنة بتقرير باهر، ويبرزون تأصيل التصوف - باعتباره مقام الإحسان – كجوهر وحقيقة للإسلام والإيمان، فيقول الإمام الطوسى فى "اللمع" تحت عنوان (باب البيان عن علم التصوف ومذهب الصوفية ومنزلتهم من أولى العلم القائمين بالقسط).
وأصل ذلك: حديث الإيمان حيث سأل جبريل عليه السلام النبى صلى الله عليه وسلم عن أصول ثلاثة :عن الإسلام والإيمان والإحسان الظاهر والباطن، والحقيقة، فالإسلام ظاهر، والإيمان ظاهر وباطن، والإحسان: حقيقة الظاهر والباطن، وهو قول النبى صلى الله عليه وسلم" الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" وصدقه على ذلك جبريل..)

ارتباط الإسلام بالإحسان فى القرآن الكريم
إن من تدبر أسرار القرآن فى إيضاح حقيقة الإسلام ليجد الارتباط الوثيق الجوهرى بينه وبين الإحسان ارتباط الجسد بالروح على الحقيقة، وذلك فى آيات عديدة.
فمنها قوله تعالى:( بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)(7).
وقوله تعالى ( ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فـقد استمسك بالعروة الوثقى ) (8).
إن إسلام الوجه لله تعالى مع الإحسان هو التصوف بعينه؛ لأنه يعنى إخلاص الذات قلبا وقالباً لله تعالى، فإن الوجه ههنا كناية عن النفس.
والمراد تسليم النفس لله تعالى بالكلية بكمال الخضوع والانقياد والمراقبة لله تعالى كأنه يراه حاضراً معه بكليته ومراقبا لمعيته تعالى. فإن الحضور مع الله تعالى فى الإسلام هو روح الإسلام، ولا يتحقق الإسلام للعبد على الحقيقة والكمال ولغير الله فى قلبه أو روحه أو سره نصيب؛ لأن إسلام شئ لشئ هو جعله سالماً له بأن لا يكون لأحد حق فيه لا من حيث التخليق والمالكية، ولا من حيث استحقاق العبادة والتعظيم.
وإذن : نستوحى من مفاد القرآن الكريم أن حقيقة التصوف وهى إسلام الوجه لله تعالى مع التحقق بالإحسان:تحقق الاستمساك بالعروة الوثقى،أى بلوغ اليقين فى الدين، وتلك هى الغاية!!
كما نستطيع أن نقول:إن التصوف هو حقيقة الإسلام فى صورتها الكاملة المثلى،
إنها تتمثل فى كنه كلمة الشهادة ( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن سيدنا محمداً رسول الله)!! هل فكر أحد من المعترضين على الصوفية فى مدلول كلمة(أشهد)؟ وهل تتحقق الشهادة – على الحقيقة – إلا بالمشاهدة؟ والمشاهدة فى ذروة مقامات الصوفية.
يقول استاذنا الإمام عبدالحليم محمود رضى الله عنه"والمشاهدة التى هى الغاية "الصوفية" هى أيضاً تحقيق واقعى للتعبير الذى ننطق به فى كل آونة حينما نقول:"أشهد أن لا إله إلا الله"... ومن ثم كان استاذنا يقول (إن التصوف هو الوصول إلى مقام (أشهد)!
ولعلك أخى القارئ تتساءل: وهل تحقق المدلول الصوفى لكلمة"أشهد.." عمليا كما تذكر؟؟
وأقول: أجل، وبكل تأكيد، تحقق النبى صلى الله عليه وسلم ولصحابته ولورثته الأولياء أهل المشاهدة من أمته، وهاك نموذج حي موثق لذلك:
يقول الإمام الربانى سيدى عبدالوهاب الشعرانى رضى الله تعالى عنه فى ترجمة العارف بالله تعالى سيدى عبدالرحيم القناوى رضى الله تعالى عنه من طبقاته الكبرى:"وكان إذا سمع المؤذن يقول:" اشهد أن لا إله إلا الله" يقول هو ( شهدنا بما شاهدنا، وويل لمن كذب على الله تعالى)!! ومن ثم يتأكد لنا: أن التصوف الإسلامى هو روح الإسلام والركن الثالث من هذا الدين، الذى هو مقام الإحسان الذي يتحقق به كمال مصداقية الإيمان والإسلام ( إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد).
ولنا مع بيان حقيقة التصوف وتوضيح مفاهيمه المؤصلة من الكتاب والسنة حيث تال بإذن الله تعالى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
1- الفاتحة :5-6 .
2- الشمس : 9 .
3- آل عمران: 79 .
4- آل عمران: 102 .
5- فصلت : 6 .
6- الأنفال : 34 .
7- البقرة : 112.
8- لقمان : 22.

المصدر: موقع مجلة التصوف الاسلامي

الكون من منظور صوفي


الكون من منظور صوفي



رياض عامر القيسيان هذا الوجود العجيب بسمواته وأرضه وانسه وجنه , بجماده ونباته ورماله ومياهه, بحروفه وكلماته نراه عند الصوفية صورة جميلة متماسكة نابضة بالحركة مؤلفة متآلفة فيما بينها.
والكون كله بما حوى في نظرهم عابد مسبح كل ما فيه قد الهم صلاته وتسبيحه , كون يسير على انغام موسيقى ربانية او كما يقول ابن عربي : (بالإيقاع الإلهي والقول الرباني), الكون كله سماع لمن القى السمع , ورفع عنه الغطاء (تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن . وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم )
وإذا كانت أمواج الموسيقى السابحات في الجو من محطتنا الأرضية . تمر بالإذن ولا تسمعها إلا بالجهاز المعد لها . فكذلك تلك التسبيحات المنغمة بالإيقاع الإلهي بحاجة الى محطات وأجهزة في قلوبنا . أجهزة لا تفتح الا بالذكر والتقوى والحب والتسامح وكم لتلك الخصائص من أسرار وأسرار .
كل شيء يقع تحت أبصارنا ، له حياته وله عباداته وله عجائبه وفنونه . تحركه يد الخالق المدبرة الحاكمة ، التي أحسنت وأبدعت خلق كل شيء ، وأودعته ما شاءت وأرادت ، وكشفت مما أودعت لمن شاءت وأحبت .
إن الحياة في نظر المتصوفة هي ليست للإنسان والحيوان والنبات فحسب . بل الحياة لكل شيء . تلك الجبال والأحجار التي تراها جامدة منها ما يتفجر منه الماء ومنها ما يهبط من خشية الله والخلق كل الخلق يسبح بحمده ويذكر آياته ، يقول ابن عربي : ( إن آلة النجار ربما تعلم أكثر مما يعلم الصانع بها ، فإنها حية عالمة بخالقها ، مسبحة بحمد ربها عالمة بما خلقت له . فكل شيء في الطبيعة قد أوحي إليه بما يراد منه ) . حتى الحروف التي نكتبها فهي مقدسة عند الصوفية ويؤمنون بان لها أسرارها ودنياها . فيعتبرونها امة قائمة بذاتها لها صلاتها بالسماء والنجوم . ولها مساس بالإنسان ، وعلاقة برسالات الرسل والأنبياء .
والكلمات أيضا لها قدسيتها ، أليس عيسى كلمة الله ؟ والكلمة الطيبة أليست كالشجرة المباركة التي أصلحها ثابت وفرعها في السماء ؟
انه لعالم جميل أبدعته القوة الإلهية نرى جماله لو مزقنا أقنعة الشهوات والظلم والتطرف وتسلحنا بالحب والأيمان بالله وأنبيائه وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله .


الطريقة الصوفية ..فضلها وأهميتها وفوائدها

الطريقة الصوفية ..فضلها وأهميتها وفوائدها


محمد حبيب
مقدمة :التصوف : هو منهج التربية الروحي والسلوكي الذي يرقى به المسلم الى مرتبة الإحسان التي عرفها النبي: (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) .
فالتصوف : هو البرنامج التربوي الذي يهتم بتطهير النفس من كل أمراضها التي تحجب الانسان عن الله
فالتصوف : هو البرنامج التربوي الذي يهتم بتطهير النفس من كل أمراضها التي تحجب الانسان عن الله.. وتقويم انحرافاته النفسية والسلوكية فيما يتعلق بعلاقة الإنسان مع اللهومع اللهومع الذات .
والنفس البشرية تحمل جملة من الصفات التي تحتاج الى تهذيب وتشذيب وتقليم كي تتمزق حجبها الظلمانية.. كما أن جسم الإنسان دائما يحتاج الى تهذيب وترتيب ليبدو جماله وألقه.. فالجسم البشري لابد من قص شعره مثل شعر الإبط والعانه والرأس وتهذيب شعر الوجه للرجل.. وتقليم أظفاره.. وتنظيف الأسنان و..إلخ كذلك النفس البشرية لو تركت وشانها لتحول الإنسان الى طبيعه متوحشة فلابد لنفسه من تهذيب وتزكية .
فالطريقة الصوفية:هي المدرسة التي تقوم بعملية التطهير والتربية والتزكية.. وكما ان المريض يحتاج الى طبيب لمعالجة ما مرض من أعضائه الجسمانية كذلك يحتاج الى معالجة نفسه من أمراضها الى طبيب حاذق عارف مدرك يشرف على التربية والتزكية .
فالنفس فيها مجموعه من الجراثيم والعاهات التي تقبع داخل النفس مثل الكبر والعجب والغرور والأنانية والبخل والغضب والرياء والرغبة في المعصية والخطيئة والرغبة في التشفي والإنتقام والكره والحقد والخداع والطمع والجشع وأمراض كثيرة.. فهذه الدوافع الخبيثة موجودة في كل نفس بشرية وتحتاج الى تهذيب وتنظيم وتوجيه وتزكية.. لأن هذه الشهوات البهيميه تشكل مثل الحجب السوداء على جوهر الروح المنور فيمنع عنها رؤية الحق والحقيقة.. وتفسد عليها تذوق طعم الحق والخير.. وإذا تركت هذه الأوصاف السيئة وشانها تنمو وتنمو في نفس الإنسان كما تنمو الأعشاب الضارة حول أجمل الزهور والأشجار فإنها تجعل من صفات الخير أكثر ضعفا وتحول الإنسان الى وحش بشري همه إشباع شهواته وغرائزه فقط .
من هنا كانت اهمية الطريقة السلوكية والصوفية في تزكية هذه النفس.. بتنقيتها من الرذائل وتحليتها بالفضائل.. وذلك بزرع صفات الخير في النفس مثل التواضع والإيثار والكرم والحب والتعاون وحب الله
والنفس البشرية تحمل جملة من الصفات التي تحتاج الى تهذيب وتشذيب وتقليم كي تتمزق حجبها الظلمانية.. كما أن جسم الإنسان دائما يحتاج الى تهذيب وترتيب ليبدو جماله وألقه.. فالجسم البشري لابد من قص شعره مثل شعر الإبط والعانه والرأس وتهذيب شعر الوجه للرجل.. وتقليم أظفاره.. وتنظيف الأسنان و..إلخ كذلك النفس البشرية لو تركت وشانها لتحول الإنسان الى طبيعه متوحشة فلابد لنفسه من تهذيب وتزكية .فالطريقة الصوفية:هي المدرسة التي تقوم بعملية التطهير والتربية والتزكية.. وكما ان المريض يحتاج الى طبيب لمعالجة ما مرض من أعضائه الجسمانية كذلك يحتاج الى معالجة نفسه من أمراضها الى طبيب حاذق عارف مدرك يشرف على التربية والتزكية .فالنفس فيها مجموعه من الجراثيم والعاهات التي تقبع داخل النفس مثل الكبر والعجب والغرور والأنانية والبخل والغضب والرياء والرغبة في المعصية والخطيئة والرغبة في التشفي والإنتقام والكره والحقد والخداع والطمع والجشع وأمراض كثيرة.. فهذه الدوافع الخبيثة موجودة في كل نفس بشرية وتحتاج الى تهذيب وتنظيم وتوجيه وتزكية.. لأن هذه الشهوات البهيميه تشكل مثل الحجب السوداء على جوهر الروح المنور فيمنع عنها رؤية الحق والحقيقة.. وتفسد عليها تذوق طعم الحق والخير.. وإذا تركت هذه الأوصاف السيئة وشانها تنمو وتنمو في نفس الإنسان كما تنمو الأعشاب الضارة حول أجمل الزهور والأشجار فإنها تجعل من صفات الخير أكثر ضعفا وتحول الإنسان الى وحش بشري همه إشباع شهواته وغرائزه فقط .من هنا كانت اهمية الطريقة السلوكية والصوفية في تزكية هذه النفس.. بتنقيتها من الرذائل وتحليتها بالفضائل.. وذلك بزرع صفات الخير في النفس مثل التواضع والإيثار والكرم والحب والتعاون وحب اللهوالصالحين والعمل على مساعدة البشرية بل كل مافي الكون.. والحياء وخشية اللهوحب طاعته والتلذذ بها إلخ .
وكان لابد من أخذ الطريقة من يد شيخ مأذون.. لأن هذه الطريقة مستنبطه من الشريعه المطهرة لا تحيد عنها قيد أنملة.. لأنها في الحقيقة تكوين النفس الإنسانية للهيئة التي كان عليها السلف الصالح من هذه الأمة.. ذلك ان الشيخ المسلك للطريقة لا يجوز ان يكون مسلكا إلا إذا كان مأذوناً من شيخ مسلك مأذون كذلك وهكذا ود اليك الى رسول الله 
وكان لابد من أخذ الطريقة من يد شيخ مأذون.. لأن هذه الطريقة مستنبطه من الشريعه المطهرة لا تحيد عنها قيد أنملة.. لأنها في الحقيقة تكوين النفس الإنسانية للهيئة التي كان عليها السلف الصالح من هذه الأمة.. ذلك ان الشيخ المسلك للطريقة لا يجوز ان يكون مسلكا إلا إذا كان مأذوناً من شيخ مسلك مأذون كذلك وهكذا ود اليك الى رسول الله فهي ذا أسلوب تربوي نبوي مأخوذ من جماعه الى جماعه الى جماعه وهكذا الى رسول الله.. فالمسلم عندما يضع يده بيد شيخ يبايعه على الإلتزام بالطريقة كأنما يضع يده بيد رسول اللهلأنه يعاهد شيخه على الإلتزام بالشريعة المطهرة .
أهمية الطريقه
ولعل قائلا يقول: ألا يستطيع الواحد منا ان يلتزم بالطريقه دون الإنخراط في أي طريقة صوفية.. بمعنى آخر: ألا يكفي ان بلتزم المرء في الكتاب والسنة يكون عندها قد أخذ بالطريقة التي يريدها الله 
أهمية الطريقه ولعل قائلا يقول: ألا يستطيع الواحد منا ان يلتزم بالطريقه دون الإنخراط في أي طريقة صوفية.. بمعنى آخر: ألا يكفي ان بلتزم المرء في الكتاب والسنة يكون عندها قد أخذ بالطريقة التي يريدها الله ورسوله...؟؟؟
نقول :
أولا: إن الإلتزام بالطريقة الصوفية لا يخرجك من التمسك بالكتاب والسنة إذ ان الطريقة الصوفية: هي منهج الكتاب والسنة وكل ما خلف الكتاب والسنة فهو ليس من الطريقة بل إن الطريقة ترفضه وتنهى عنه .
ثانيا: الطريقة ليست تعاليم منفصلة عن تعاليم الكتاب والسنة بل هو روحها ولحمتها .
ثالثا: إن من يقول هذا القول لو قلنا له إن كلفناك أن تتعلم سنن الصلاة وآدابها وشروطها وأركانها من الكتاب والسنة هل تستطيع ..؟؟
سيقول: لا أستطيع إلا إذا رجعت الى كتب الفقه وأقوال الفقهاء المختصين الذين استخرجوا الأحكام من نصوص الكتاب والسنة وذلك لأنه بلغوا رتبة الإجتهاد وهذا أمر انا غير قادر على فعله.. بل إن الأمة الاسلامية منذ تاريخها البعيد لم تجمع إلا فقهاء معدودين استطاعوا أن يقدموا فقها(مستنبطا) من الكتاب والسنة مثل أبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل وسفيان والأوزاعي وغيرهم..
فنقول: كما ان للفقة والتفسير والتاريخ والحديث علماء اختصوا به فقدموا لنا فقها ومصطلحات خاصة به فعلمنا الواجب من السنة من المندوب.. كذلك علماء السلوك قدموا لنا فقها في السلوك له مصطلحاته وأصوله.. وبرز منهم علماء كثر ولكن أجمعت الأمة عليهم مثل الإمام الجنيد 
نقول :
أولا: إن الإلتزام بالطريقة الصوفية لا يخرجك من التمسك بالكتاب والسنة إذ ان الطريقة الصوفية: هي منهج الكتاب والسنة وكل ما خلف الكتاب والسنة فهو ليس من الطريقة بل إن الطريقة ترفضه وتنهى عنه .ثانيا: الطريقة ليست تعاليم منفصلة عن تعاليم الكتاب والسنة بل هو روحها ولحمتها .ثالثا: إن من يقول هذا القول لو قلنا له إن كلفناك أن تتعلم سنن الصلاة وآدابها وشروطها وأركانها من الكتاب والسنة هل تستطيع ..؟؟سيقول: لا أستطيع إلا إذا رجعت الى كتب الفقه وأقوال الفقهاء المختصين الذين استخرجوا الأحكام من نصوص الكتاب والسنة وذلك لأنه بلغوا رتبة الإجتهاد وهذا أمر انا غير قادر على فعله.. بل إن الأمة الاسلامية منذ تاريخها البعيد لم تجمع إلا فقهاء معدودين استطاعوا أن يقدموا فقها(مستنبطا) من الكتاب والسنة مثل أبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل وسفيان والأوزاعي وغيرهم..فنقول: كما ان للفقة والتفسير والتاريخ والحديث علماء اختصوا به فقدموا لنا فقها ومصطلحات خاصة به فعلمنا الواجب من السنة من المندوب.. كذلك علماء السلوك قدموا لنا فقها في السلوك له مصطلحاته وأصوله.. وبرز منهم علماء كثر ولكن أجمعت الأمة عليهم مثل الإمام الجنيد والشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ أحمد الرفاعي والشيخ أحمد البدوي والشيخ ابراهيم الدسوقي وآخرين .
رابعاً: كما ان الحديث لا يقبل مالم يكن موثقا بسند الى رسول الله 
رابعاً: كما ان الحديث لا يقبل مالم يكن موثقا بسند الى رسول الله ليكون مقبولا وملزما.. كذلك الطريقة الصوفية هي: موثقة بسند الى رسول الله مأخوذه مشافهة جيلا من بعد جيل الى رسول الله فلكي تكون مرتبطا بهذه السلسلة كان لابد من أخذ الطريقة من شخص مجاز بها .
خامسا: بما أن هذا العلم ليس علم أقوال وأحكام ظاهرة إنما يرتبط بالقلب والباطن والنفس البشرية فهو لا يتحصل بالقراءة والكتابة لا بد له من صحبة ورفقة شيخ يدل المرء بأحواله وأقواله وملاحظته ونظره وسلوكه .
أوصاف المرشد (الشيخ) الذي تأخذ منه
الطريقة الصوفية :
قال بعض العلماء للشيخ المرشد شروطا ليكون أهلا لتسليك الناس وتربيتهم في طريق التصوف.. وأهمها:
1. أن يكون عالما بالفرائض العينية كالصلاة والصوم و..إلخ .
2. أن يكون عارفا بالله 
خامسا: بما أن هذا العلم ليس علم أقوال وأحكام ظاهرة إنما يرتبط بالقلب والباطن والنفس البشرية فهو لا يتحصل بالقراءة والكتابة لا بد له من صحبة ورفقة شيخ يدل المرء بأحواله وأقواله وملاحظته ونظره وسلوكه .أوصاف المرشد (الشيخ) الذي تأخذ منه الطريقة الصوفية :قال بعض العلماء للشيخ المرشد شروطا ليكون أهلا لتسليك الناس وتربيتهم في طريق التصوف.. وأهمها: 1. أن يكون عالما بالفرائض العينية كالصلاة والصوم و..إلخ . 2. أن يكون عارفا بالله متحققا بعقيدة أهل السنة والجماعه .
3. أن يكون عالما بأساليب وطرق تربية النفس وتزكيتها وعارفا بأمراض النفس ومداخل الشيطان على الإنسان .
4. أن يكون مأذونا بإعطاء الطريقة ولإرشاد .
قال ابن سيرين: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم .
فعلى المسلم الصادق أن يتوجه الى الله 
3. أن يكون عالما بأساليب وطرق تربية النفس وتزكيتها وعارفا بأمراض النفس ومداخل الشيطان على الإنسان . 4. أن يكون مأذونا بإعطاء الطريقة ولإرشاد .قال ابن سيرين: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم .فعلى المسلم الصادق أن يتوجه الى الله بالدعاء بصدق وإلحاح أن يجمعه مع شيخ يتربى على يديه وان يبحث في البلد الذي يسكن فيه فإن وجد شيخا الأولى أن يأخذ الطريق من الشيخ الذي في بلده فإن لم يجد في بلده شيخا يبحث في مكان آخر ولو كان خارج بلده ألا ترى المريض إذا مرض يذهب الى أقرب طبيب عليه ليعالج مرض جسده.. فإن لم يجد في بلده قطع آلاف الأميال بحثا عن طبيب يخلصه من مرضه.. فكيف بمرض يوصل الإنسان الى جهنم ..؟!
ألا يستحق ان تبذل لأجل إيجاده الغالي والنفيس .؟؟!
وهذا لا يستلزم أن يكون بالضرورة شيخا يحمل زيا معينا او شهادة معينة.. فهذا علم قلوب وتربية وسلوك لا يعترف بالمظاهر والأشكال.. لكن المهم أن يكون متصفا بالأوصاف التي ذكرنا وبعدها لا يهم ان يكون اكاديميا أم غير ذلك ..
وليس مهما ان يكون مريدوه كثر أم قله.. فهذا أيضا ليس معيارا لأهليته في الطريقة والتربية .
بل المهم هو: الاستقامة والصلاح ومعرفة أصول التربية والسلوك .
دليل أخذ العهد (الطريقة) شرعا :
القرآن:
قال 
ألا يستحق ان تبذل لأجل إيجاده الغالي والنفيس .؟؟!وهذا لا يستلزم أن يكون بالضرورة شيخا يحمل زيا معينا او شهادة معينة.. فهذا علم قلوب وتربية وسلوك لا يعترف بالمظاهر والأشكال.. لكن المهم أن يكون متصفا بالأوصاف التي ذكرنا وبعدها لا يهم ان يكون اكاديميا أم غير ذلك ..وليس مهما ان يكون مريدوه كثر أم قله.. فهذا أيضا ليس معيارا لأهليته في الطريقة والتربية .بل المهم هو: الاستقامة والصلاح ومعرفة أصول التربية والسلوك .دليل أخذ العهد (الطريقة) شرعا :القرآن: قال إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظياً  (الفتح آية 10وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم وكيلا  (سورة النحل:91واوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا  (سورة الإسراء:34) .
السنة:
اخرج البخاري في صحيحيه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله 
السنة:اخرج البخاري في صحيحيه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله قال: (بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف فمن اوفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو الى الله، إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه) .
عن يعلى بن شداد 
عن يعلى بن شداد قال: حدثني اوس وعبادة بن الصامت حاضر يصدقه قال: كنا عند رسول الله فقال: هل فيكم غريب؟ -يعني من أهل الكتاب– فقلنا: لا يارسول الله، فأمر بغلق الباب فقال: ارفعوا أيديكم وقولوا: لا إله إلا الله، فرفعنا أيدينا وقلنا: لاإله إلا الله، ثم قال :الحمد لله، اللهم إنك بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها، ووعدتني عليها الجنة، وإنك لا تخلف الميعاد، ثم قال : ألا أبشروا فان الله قد غفر لكم) .
روى الطبراني والبزار باسناد حسن: ان عليا 
روى الطبراني والبزار باسناد حسن: ان عليا سأل النبي بقوله: يا رسول الله دلني على أقرب الطرق إلى الله، وأسهلها عبادة، وأفضلها عنده تعالى، فقال النبي : (عليك بمداومة ذكر الله سراً وجهراً، فقال علي : كل الناس ذاكرون فخصني بشيء، قال رسول الله : أفضل ما قلته أنا والنبييون من قبلي: لا إله إلا الله ولو أن السموات والأرضين في كفة ولا إله إلا الله في كفة لرجحت بهم، ولا تقوم القيامة وعلى وجه الأرض من يقول: لا إله إلا الله، ثم قال علي : فكيف أذكر؟ قال النبي : أغمض عينيك واسمع مني لا إله إلا الله ثلاث مرات، ثم قلها ثلاثا وأنا أسمع، ثم فعل ذلك برفع الصوت) .
والأحاديث الواردة اكثر من أن تحصى ولكن اخترت منها للدلالة على مشروعية أخذ البيعه والعهد على طاعة الله 
والأحاديث الواردة اكثر من أن تحصى ولكن اخترت منها للدلالة على مشروعية أخذ البيعه والعهد على طاعة الله كما يفعل شيوخ الطريقة الصوفية من مبايعة المريد على طاعة الله والتوبة والإنابة إليه.. وهكذا ظل علماء التصوف من بعد ذلك يأخذون البيعة على مريديهم الى يومنا هذا والى أن تقوم الساعة.. وكم دخلت دول في الإسلام من خلال أرباب الطرق الصوفية من غير حروب أو قتال إنما من خلال مشاهدة الناس لأخلاق الصوفي وصدقه وإخلاصه

الحركة فـي الذكر (التمايل)

  الحركة فـي الذكر (التمايل) أحمد عبد المالك الحركة في الذكر أمر تناوله علماء الإسلام ما بين الإباحة والتحريم والتقييد بشروط وما زال لل...